Voice of Preaching the Gospel

vopg

الرفاهية، تلك العبارة البلورية الجميلة، المرتسمة بأحرف ذهبية على فكر الإنسان وقلبه. إنها الجوهرة النفيسة التي يبذل كل امرئ كل جهده لنوالها. فهي حلم الرجل والمرأة، وأمنية الشاب والشابة ومحبوبة الجميع.

إزاء هذه الرغبة الملحّة للراحة والرفاهية، قذفت المرأة بمجذاف محاولاتها المعهودة لتحصل على أمنيتها، فحققتها على حساب الرجل وبَنَت قصر راحتها الشامخ على صخور تضحيات الرجل وأتعابه، فاقتنت السيارات المريحة والأثاث البديع الذي يضم كل ما يضمن الراحة والانشراح لنفس ربة البيت. وبالإضافة إلى اقتناء الأدوات الكهربائية التي تقوم بالتنظيفات والغسيل وغيرها من الأشغال المنزلية بقيادة السيدة، فهنالك خادمة أيضًا أو خادمات يقمن بكل عمل متعب مضنٍ.
ليس هذا فحسب لكنكِ يا سيدتي قد حزت على ضمان راحتك واحترامك في أربع زوايا مجتمعك، فليس من المسموح للرجل أن يتقدمك بالدخول إلى أي مكان، وإن وجد مقعدًا واحدًا فأنت تستريحين وهو يقف، أو إن كان هناك مجال للقيام بعمل ما، فأنت تقفين مكتوفة الأيدي وهو الذي يقوم به. هذا ما فرضته الإتيكيت الاجتماعية لأجلك. ولكن يا عزيزتي كل هذه العوامل والمساعدات، تتكاتف لكي تجعل مادة شخصيتك مائعة ضعيفة، وتولّد فيك روح الاتكالية والأنانية ومحبة الذات. وبما أنني لست من عالمات الاجتماع فلن أتعرّض لمعالجة هذه المشكلة الاجتماعية ولكنني أعترض كل الاعتراض على شخصية روحية من هذا الطراز.
هنالك سيارات صنعت خصيصًا للسير في السهول والصحاري، وإذا ما حاولنا استخدامها في تسلّق الجبال العالية اكتشفنا عجزها وتقهقرها وعدم إمكانيتها، وإذا استخدمناها لهذا الغرض وقعت فيها المعطلات وتوقفت عن المسير. فما يؤهلنا لأجله المجتمع هو السير في سهوله وصحاريه القاحلة بسهولة كاملة، ولكنه لا يمكننا بتاتًا الارتقاء إلى جبال الشركة والإيمان والخدمة لأن محرّك حياتنا الضعيف لا يقوى على تحمّل صعوبات الصعود المستمر.
إن الخطأ الكبير الذي نرتكبه يا أخواتي هو أننا نأتي بشخصياتنا المدلّلة المترفّهة ونرمي بها على درب الإيمان العسر، فنراها تتهشّم وتتجرّح وتتراجع.
إذًا ما العمل؟ ما علينا سوى تحطيم الكسل والرخاوة وطرح الرغبة للراحة والرفاهية لكي نطيع دعوة سيدنا القائل: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني. فإن من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي فهذا يخلّصها." (لوقا 23:9-24) إذًا دعوة المسيح لنا تتطلب التضحية الواسعة في إنكار الذات وفي كبت الجسد الذي يميل دائمًا وأبدًا للخمول... دعوة الله لنا لحمل الصليب الثقيل المتعِب كل يوم. وأنّى لشخصياتنا المائعة على تحمّل ذلك إذا ما رفضنا إدخالها في بوتقة التمحيص... في فرن التدريب تحت مطرقة الروح القدس لكي يصيغ الله منا شخصيات فولاذية متينة تصمد في وجه كل تجربة وصعوبة. فإن الرسول يشجعنا قائلاً: "أيها الأحبّاء، لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة، لأجل امتحانكم." (1بطرس 12:4)
فالله، يا إخوتي، لا يريدنا أن نتمتّع فقط بمضغ المنّ والسلوى اللذيذين ولكنه يحضّرنا لإيمان يجتاز البحر الأحمر، لإيمان ينال المواعيد، يسدّ أفواه الأسود، يطفئ قوة النار، ينجّي من حدّ السيف، يقوّي من ضعف. فطفوليّتنا الروحية تؤلم قلب الله كثيرًا لأنه ينتظر منّا نضجًا ونموًّا لنصبح بطلات إيمانٍ قويٍّ شديد.
أختي، ثقي أن بإمكان الله أن يغيّر أعصابك الركيكة وعواطفك السريعة الانسياق، ويستطيع أن يغيّر شخصيتك العادية إلى امرأة عظيمة تقف وسط زوابع وعواصف العالم الهائجة على صخرة الإيمان القوي الكامل، وقفة البطل الصنديد، شرط أن تسمحي ليد الله على إبدال ضعفك الطبيعي بقوته الإلهية الهائلة.
إن خطة الله لم تكمل بعد، فهو يدرّبك ويمحّصك ويهيِّئك للخدمة، للعمل، للجهاد... إنك مسؤولة أمام الله عن نفوسٍ غالية، إذ لديك البشرى لخلاصها وإنقاذها من العذاب الأبدي. فيا صاحبة الطبيعة الأنثوية الرقيقة، ليت لسان حالك يكون كقول إرميا: "أحشائي، أحشائي! توجعني جدران قلبي. يئنّ فيَّ قلبي. لا أستطيع السكوت." (إرميا 19:4) ليتكِ تدوسي كل صعوبة ومانع يفصلك عن خدمة النفوس... عن الزيارات التبشيرية... عن الشهادة المستمرة لسيدك. ليتك تصمّمي أن تضحّي براحتك ورفاهيتك لأجل خدمة مخلصك. فلا بأس يا أختي بالسهر وبالنهوض المبكر، لا بأس بالتخلّي عن أوقات الراحة وسط النهار أو أوقات الزيارات الاجتماعية، فليس لديكِ أكثر من فرصة واحدة لخدمة الرب وإرضائه في حياتك واذكري أو يوم المجازاة ليس بعيدًا.
فلتكن صلواتنا: "يا رب، قوِّ إيماني. زد ثقتي بقوتك وزد محبتي وغيرتي على النفوس الهالكة. سيدي، إني أضع نفسي على مذبح التكريس، فأوقد نارَك المدرِّبة فيَّ واصنع مني إناء للكرامة نافعًا لخدمة السيد، آمين."
ليكن شعارنا "خدمة الرب وربح النفوس، لا حياة الراحة والرفاهية."- أختك

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2021

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

216 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10628125