وضع رسّامان فكرتهما عن السلام الحقيقي على لوحتين زيتيتين. فرسم الأول صورة بحيرة جميلة هادئة تحفّ بها الأشجار المثمرة والأعشاب الخضراء والزهور الجميلة
ولم تكن ثمة رياح تحرّك الأشجار بل كان كل شيء ينبئ بالهدوء والسكينة.
أما الرسّام الآخر فإنه رسم صورة بحرٍ مضطرب تصخب أمواجه وتتلاطم بالصخور، ورسم في وسط الأمواج صخرة عالية ثابتة وقد بنت عليها حمامة عشّها واستقرّت فيه مع صغارها في هدوء واطمئنان.
هذا هو السلام الحقيقي! فالسلام لا يأتينا عن طريق تهدئة أمواج العالم المضطرب وضجيجه حولنا، لكن السلام الحقيقي هو الذي يملأ قلوبنا هدوءًا وطمأنينة حتى في وسط هذا العالم المضطرب. إنه سلام الله الذي يمنحه للّذين يسلمون حياتهم له ويطيعونه ويتّكلون عليه، إنه السلام الذي يفوق كل عقل.
لقد اختبر ربنا يسوع هذا السلام. فلقد رافقه حينما كان يسير على مياه بحر الجليل المضطربة وسط الأمواج الصاخبة، كما رافقه عندما كان يسير بين حقول ومراعي فلسطين... وظلّ هذه السلام يملأ قلب ربّ المجد حتى في بستان جثسيماني... وعندما أسلمته القبلة الخائنة إلى أيدي طالبي نفسه... وأثناء محاكمته الجائرة... وعلى الصليب...
إن الغيرة والحسد أسلما الفادي للموت، لكننا نراه يقول لتلاميذه قبيل الصليب: "سلامي أعطيكم." أجل، لم يكن ذلك السلام متوقّفًا على الظروف والأحوال...
وقد ملأ هذا السلام الحقيقي قلبَيّ بولس وسيلا فاستطاعا وهما في السجن - بعدما نالهما من الضرب الشيء الكثير - أن يصلّيا ويسبّحا الله ويُعلنا عن سلام الله في حياتهما.
ونحن أيضًا في أشدّ حاجة لهذا السلام الذي يملأ قلوبنا ثقة وطمأنينة. وينادينا الله أن نُقبل إليه ونسلّمه حياتنا ونطيعه ونتّكل عليه وعلى قدرته الفائقة العقل والإدراك لنحصل على السلام الحقيقي. "لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْرِ." (إشعياء 18:48)
لنصغِ إلى صوت الله لكي يملك السلام الحقيقي في حياتنا.
