Voice of Preaching the Gospel

vopg

كتب روحية

فهرس المقال


الكلمة السادسة: إعلان النصر

"فلما أخذ يسوع الخلّ قال: [قد أُكمل]." (يوحنا 30:19)

عندما قال يسوع: "أنا عطشان" كان يركز الاهتمام على شخصه. أما عندما قال "قد أُكمِل" كان يركز على عمله. ولا يوجد في كلمات الجلجثة أروع من الكلمتين الخامسة والسادسة حيث نرى شخص المخلص وعمله.
وقول المسيح "قد أُكمل" يذكرنا بثلاثة مواضع كتابية: ففي أول سفر من الكتاب نجد القول: "فأُكملت السماوات والأرض وكل جندها." (تكوين 1:2) وكذلك نجد القول "ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدًا." (تكوين 31:1) ومن القول نجد الخالق وقد أكمل عمله، فلا يمكن إضافة شيء لتحسينه وكذلك لا يمكن إنقاصُ شيءٍ منه. وفي منتصف الكتاب المقدس جاء قول يسوع من على الصليب "قد أُكمل"، ومن القول نجد الخالق وقد أكمل عمله الكفاري فلا يحتاج إلى شيء آخر. وفي نهاية الكتاب المقدس نقرأ في سفر الرؤيا عن الملاك السابع الذي صبّ جام غضبه "فخرج صوت عظيم من هيكل السماء من العرش قائلاً: قد تمّ." ومن النص نفهم أن ملك الملوك ورب الأرباب قد أكمل خدمة المصالحة.
وكلمة المسيح من على الصليب هي أعظم ما جاء في الكتاب المقدس من النصوص الثلاثة: فالعمل الذي أكمله يسوع على الصليب هو أعظم من الخليقة، وأعظم من الملكوت الأبدي. ولا يوجد شيء في الحياة الدنيا والآخرة "قد كمل" أعظم من العمل الذي أكمله يسوع على الصليب.
وصف كثيرون كلمة المسيح السادسة من على الصليب بأنها إعلان النصر أو رسالة إلى الآب، أو إعلان للناس، والحقيقة أن كلمة المسيح من على الصليب هي كل ذلك بل وأكثر. وفي دراستنا لهذا الإعلان نعالجه من زاويتين: الزاوية الأولى هي معنى الإعلان. أما الزاوية الثانية فهي أثر الإعلان.

أولاً: إعلان النصر ومعناه
إن كان هناك نصٌّ كتابيٌّ يجب أن نسعى لتوضيح معناه يكون هذا النص "قد أُكمل". فالنص الذي نحن بصدده يتصل بشوق البشرية جمعاء في أمر خطير. وهي مأساة بحق إن تجاهل المرء أو أساء في فهم هذه الحقيقة. وأرجو أن نلاحظ أن يسوع لم يقل: "لقد انتهيت أو اكتملت" ولكنه كان يشير إلى تمام وكمال العمل الذي بدأه على الصليب. والكلمة كما وردت في اللغة اليونانية كلمة واحدة Tetelestai ومعناها اللغوي "العمل قد أُكمل ونتيجة لذلك أُكمل إلى الأبد. والترجمة الصحيحة "العمل يقف كاملاً وتامًا. وهنا يقرر يسوع حقيقة هامة عن المهمة التي أوكلت إليه، كما أنه يعلن راحته واقتناعه بالعمل الذي عمله والنصر الذي أحرزه.
والكلمة اليونانية "تتلستاي" هي كلمة الفلاح التي يستخدمها عندما يولد في حظيرته حيوان صغير كحمل جميل خالٍ من الأخطاء والعيوب. كان الفلاح ينتظر وينظر إلى المخلوق الصغير بإعجاب وسرور ويقول "تتلستاي! تتلستاي!" أو كامل... كامل!
وهي كلمة الفن، يستخدمها الرسام أو النحّات بعد أن يضع اللمسات الأخيرة في لوحة أو تمثال ثم يتراجع إلى الخلف بضع خطوات وينظر بإعجاب إلى تحفته فلا يرى فيها أخطاء تحتاج إلى تصحيح. وبعد أن يجد أنها لا تحتاج إلى لمسات أخرى يتمتم بإعجاب وزهو "تتلستاي، تتلستاي!" أي قد كملت، قد كملت! وعمل المسيح على الصليب هو التحفة الإلهية الكاملة التي تصوِّر قصة الخلاص الإلهي للبشر.
وهي كلمة الكاهن يستخدمها العابد التقيّ الذي فاضت عليه خيرات الله فامتلأت نفسه بالامتنان والعرفان بمراحم الله عليه. وعند ذلك يُحضِر حملاً إلى الهيكل بلا عيب يختاره من وسط القطيع كله. ويأتي به إلى الكاهن الذي تعوَّد أن يرى الناس تقدِّم إلى الرب الأعمى والأعرج ذبيحة فإذا به من فرط إعجابه بالحمل الخالي من العيوب يهتف قائلاً: "تتلستاي، تتلستاي!" أي بلا عيب وكامل.
وفي ملء الزمان عندما قدّم حمل الله نفسه على مذبح الدهور والأجيال ابتهج الله الآب بالذبيحة الكاملة التي رفعت عن العالم ثقل خطاياه. كانت الذبيحة تامة بلا عيب وكاملة. لذلك صرخ يسوع وقال: تتلستاي، "قد أُكمل."
ونائب الفاعل في جملة "قد أُكمل" هو شيء واحد من ذاته. فما هو الشيء الواحد الذي أُكمل؟ إنه عذاب استحقاق خطايا البشرية المتراكمة... إنه ألم العقاب الكامل لكل الذنوب في تاريخ البشرية الطويل. إنه اختبار الجحيم الذي نزل إليه بسبب كل الذين رفضوا الله.
ويوضح الكتاب المقدس نائب الفاعل في جملة "قد أُكمل" بما قاله إشعياء "والرب وضع عليه إثم جميعنا." (إشعياء 6:53) وأيضًا في 2كورنثوس 21:5 "جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه." نائب الفاعل واضح في قول الرسول (1تيموثاوس 6:2) "الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع." وكذلك ما أعلنه الرائي في رؤيا 9:5 "ذُبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة."
كما أن يسوع عندما قال هذه الكلمة كان يتكلم بلغة ربّ العمل الذي ينظر إلى عمله بعد نهايته في اكتفاء لا يشوبه الخجل ويقول: "كامل... تام!"

ثانيًا: إعلان النصر وأثره
تعال معي لكي نسافر بالخيال إلى ثلاثة أماكن لنرى تأثير إعلان النصر الذي قاله المخلص. كانت السماء ترقب هذا التحوّل العظيم. وكانت مقادس المجد مكدّسة برؤساء الملائكة والقديسين يرقبون من بعيد المأساة. ونحن نريد أن نرى أثر قول يسوع "قد أُكمل" على هؤلاء. والإجابة ليست صعبة. فما أن وصلت هذه الكلمة إلى العرش حتى امتلأ المكان بفرح لا يُنطق به ومجيد. لقد كسب المعركة واكتمل النصر.
والآن يستطيع الآب السماوي أن يقبل الخطاة بفرح ويرحب بهم في ملكوته الأبدي دون أي مساس بكرامة عدله المقدس. لقد وضع الإنسان نفسه خارج دائرة الله وهو في حالة الخطية. بل وضع نفسه في دائرة الدينونة العادلة. أما الآن فقد استطاع الابن بعمله البدلي أن يحمل محبة الله إلى دائرة عصيان الإنسان، كما استطاع الابن بعمله أن يوفي مطاليب العدالة الإلهية، والذي صار هو أنه أصبح للإنسان الحق أن يرجع إلى حظيرة محبة الله. لقد دفع يسوع الثمن، ثمن الفداء البشري بدمه الثمين. ويستطيع الله أن يقبل الخطاة التائبين إليه كإله محب وعادل. (رومية 19:3-26؛ وغلاطية 10:3-14)
أما الملائكة القديسون الذين لا يعرفون الخطية فكانوا في دهشة من النعمة الغنية التي انحدرت من رب السماوات في شخص ابنه يسوع. ويقول بطرس إن الملائكة كانت تشتهي هذه النعمة (1بطرس 10:1-12) "التي تشتهي الملائكة أن تطّلع عليها." والآباء القديسون الذين انتظروا الخلاص برجاء الموعد يسبّحون الله ويمجدونه ويحمدونه بأن إيمانهم لم يكن باطلاً.
كان إبليس مهتمًا بما حدث في الجلجثة بصورة عجيبة. فلما قال يسوع "قد أُكمل" كان اليأس قد ملك على إبليس تمامًا. فقد سحق المسيح رئيس هذا العالم فأصبح الشيطان سجين يسوع ملك الملوك. ويؤكد كاتب العبرانيين "لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس." (عبرانيين 14:2) وهكذا يحمل يسوع مفاتيح الهاوية والموت. كما يقول يوحنا: "لي مفاتيح الهاوية والموت." (رؤيا 18:1)
والذين دخلوا الجحيم قبل يسوع في الجلجثة، لأنهم أمالوا آذانهم لوعود الخطية الجميلة لا أمل لهم الآن بتاتًا، وهم يضلون ويصرخون لسكان الأرض من عذاب الجحيم، ولكن بلا أمل كما صرخ الغني: "يا أبي إبراهيم، ارحمني، وأرسل لعازر ليبلّ طرف إصبعه بماء ويبرّد لساني..." لقد أغلق المسيح عليهم في الجحيم بخاتمه وصار بينهم وبين الفردوس هوة سحيقة لا يعبرها أحد.
والأرض اهتمت بما حدث في الجحيم. نحن نرى تأثير عبارة "قد أُكمل" في الأرض. فذلك الإعلان يعطي فرحًا عجيبًا لكثير من النفوس. فقد صار الخلاص في متناول الجميع، وليس من أعمال صالحة الآن. وكل المفديين من الأرض يصرخون مع بولس: "وأما من جهتي، فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم." (غلاطية 14:6) وبالنسبة لكثيرين يبدو أن إعلان المسيح "قد أُكمل" غامضًا بدون وضوح. إنهم يشعرون أن يسوع لم يؤمّنهم على كل مطاليب الخلاص. فيجب عليهم أن يعملوا شيئًا، ويحبون أن يضيفوه إلى ما عمله المسيح لهم حتى يكون لهم شيء شخصي يعتمدون عليه. إنهم لا يفهمون كمال عمل النعمة. إنهم لا يعرفون... ويحزنهم لو علموا أنهم يهينون الصليب والمصلوب الذي مات عليه.
وفئة أخرى تشعر أن عمل المسيح كامل ولكنهم لا يبالون. ولكن مباهج العالم كالملبس والمأكل والمال... كل هذه هي أهم من ذلك. يا لها من نفوس مسكينة. إنهم يحتاجون إلى هزة كبيرة أو تجربة محرقة حتى يستفيقوا قبل الموت الأبدي. إن عدم المبالاة بشخص المسيح هو أقصى مستوى للخطية.
وهناك فئة أخرى يجعلها عمل المسيح وإعلانه أن تتخذ موقفًا عدائيًا. يكرهون الله ويحبون الخطية. يقولون: اتركونا لوحدنا... لا شأن لكم بنا. ويومًا ما سيكون هذا العداء هو خجلهم المحرق وآلامهم المبرحة. أما للجميع فإعلان المسيح هو هبة ورجاء. لأن المسيح عمل كل شيء ويستطيع كل إنسان أن ينال الخلاص. ولكن قبول عمل المسيح الكفاري يعتمد على التوبة والإيمان. إن الله يحزن عندما ترفض عمله الكامل لأجلك. إن الشيطان سيتعزّى عندما تشاركه الجحيم. لن تستفيد شيئًا من العمل الذي قدّمه المسيح للأجيال إن كنت ترفض الثقة بشخصه. لا ترفض الرب يسوع المسيح!
لقد أتقن يسوع عمل الخلاص على الصليب. نعم، فهذه هي الحقيقة التي أعلنها يسوع عندما قال: "قد أُكمل." وما على الإنسان إلا أن يركع على ركبتيه عند الصليب ويقبل بالإيمان المخلص وعمل النعمة الكامل من أجله. هل فعلت أنت ذلك؟ أم لا تزال ترفض عمل يسوع الكامل من أجلك؟

 

المجموعة: كتب روحية

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

108 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10635319