Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار May 2011

سفر دانيآل مليء بالدروس الروحية النافعة للمؤمنين في جميع الأجيال. ففيه نوعان من الدروس: أولاً، الدروس الروحية للحياة العملية. ثانيًا، الدروس النبوية الأساسية. والآن سنلقي نظرة على الدروس التي لنا في الأصحاح الأول من سفر دانيآل. إننا في هذا الفصل نتقابل مع أربعة فتيان (Teenagers) يعلموننا درسًا عن الأمانة والطاعة المطلقة للرب حتى في أقسى الظروف.

 

حدث في أواخر القرن السابع قبل الميلاد أن أقوى دولتين في ذلك الزمن، وهما مصر وبابل، كانتا تتنافسان على فرض السلطة على الشرق الأوسط. فانتصرت بابل - بقيادة نبوخذنصر - على مصر في موقعة حربية في كركميش الواقعة في أعالي نهر الفرات، فتراجعت جيوش مصر إلى بلادها، واستولى نبوخذنصر على أرض يهوذا، وحاصر أورشليم "وَسَلَّمَ الرَّبُّ بِيَدِهِ يَهُويَاقِيمَ مَلِكَ يَهُوذَا مَعَ بَعْضِ آنِيَةِ بَيْتِ اللهِ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى أَرْضِ شِنْعَارَ إِلَى بَيْتِ إِلهِهِ" (دانيآل 2:1). وكأن نبوخذنصر بذلك أثبت أن إلهه أقوى من إله إسرائيل - الإله الحقيقي وحده الرب يهوه؛ إذ كانت هذه هي الأفكار الوثنية قديمًا. فمثلاً، حين حارب الفلسطينيون إسرائيل قديمًا في أيام عالي الكاهن وانتصروا عليهم أخذوا تابوت العهد ووضعوه بجانب داجون إلههم. ولكنهم في الغد وجدوا داجون ساقطًا على وجهه (إقرأ 1صموئيل 1:5-5) - هذه الآنية بقيت في بابل ولكنها كانت سببًا في سقوط بابل في يد مادي وفارس (دانيآل 22:5-28). وبعد ذلك أُرجعت إلى الهيكل في أيام عزرا ونحميا. بالإضافة إلى الآنية، فقد أتى جيش نبوخذنصر بأسرى كثيرين من إسرائيل إلى بابل، "وَأَمَرَ الْمَلِكُ أَشْفَنَزَ رَئِيسَ خِصْيَانِهِ بِأَنْ يُحْضِرَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ نَسْلِ الْمُلْكِ وَمِنَ الشُّرَفَاءِ، فِتْيَانًا لاَ عَيْبَ فِيهِمْ، حِسَانَ الْمَنْظَرِ، حَاذِقِينَ فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَعَارِفِينَ مَعْرِفَةً وَذَوِي فَهْمٍ بِالْعِلْمِ، وَالَّذِينَ فِيهِمْ قُوَّةٌ عَلَى الْوُقُوفِ فِي قَصْرِ الْمَلِكِ، فَيُعَلِّمُوهُمْ كِتَابَةَ الْكَلْدَانِيِّينَ وَلِسَانَهُمْ" (دانيآل 3:1-4). كان دانيآل رجلاً حكيمًا من الناحية الزمنية وأراد أن يستفيد من بعض الذين أخذهم أسرى، على شرط أن يكونوا:

أولاً، من النسل الملكي أو النبلاء

ثانيًا، فتيانًا، أي في عمر الشباب المبكر، بصحة جيدة وذوي منظر حسن.

ثالثًا، متعلمين وأذكياء.

رابعًا، أن تكون لهم الشخصية القوية القادرة على العمل في قصر الملك.

من بين هؤلاء كان دانيآل وأصحابه الثلاثة حنانيا وميشائيل وعزريا. ولنلاحظ أن أسماءهم كانت تدل على انتمائهم للرب الإله؛ أسماء تُكرم إله إسرائيل. فاسم دانيآل يشير إلى أن الله هو القاضي الديان. وحنانيا يشير إلى نعمة الرب الإله (يهوه). وميشائيل يشير إلى أن الله ليس له مثيل. وعزريا يشير إلى أن الرب (يهوه) هو المعين.

والآن، لنلاحظ بعض الصعوبات التي واجهها هؤلاء الفتيان الأربعة لكي نتعلم درسًا مهمًا، وهو الموضوع الأساسي لهذا المقال، وهو الأمانة والطاعة للرب مهما كانت الظروف. فنلاحظ،

أولاً: إنهم كانوا في سن مبكر يتأثر بالمجتمع (peer pressure).

ثانيًا: كانوا بعيدين عن الأهل والأصدقاء في مجتمع وثني مليء بالأصنام، مجتمع لا يمت بصلة لشعب الرب.

ثالثًا: إنهم ينتمون لشعب مهزوم مهان، وبحسب الفكر البشري السائد، لم يقدر إلههم أن ينقذهم.

رابعًا: أعطاهم رئيس الخصيان أسماء جديدة لا تكرم الرب بل تكرم آلهة وثنية. هي ليست آلهة بل أرواح شياطين. فدانيآل أصبح اسمه "بلطشاصر" الذي معناه أن الإله البابلي الوثني "آخ أو آكو" هو الذي يأمر، وميشائيل أعطاه اسم "ميشاك" الذي معناه "مَنْ مثل آخ أو آكو"، وعزريا أصبح اسمه "عبدنغو" أي أنه عبد إله اسمه نغو (أو نبو) وهو أيضًا إله وثني. ولكي ندرك التأثير الرديء القاسي، لنفترض أن شخصًا اسمه عبد المسيح أُخذ أسيرًا عند أعداء المسيح وجعلوا اسمه "عبد فلان..." أي عبد لنبي كذاب هو عدو المسيح والمسيحية، وإذا بهم ينادونه كل يوم بهذا الاسم الجديد.

خامسًا: قرر نبوخذنصر برامج دراستهم لمدة ثلاثة سنين. هذه الدراسة وإن كانت فيها بعض المواد التي لا ضرر منها مثل اللغات والتاريخ، إلا أنها تشمل أيضًا علومًا وثنية مثل السحر والعرافة وعقائد دينية فاسدة تقاوِم ما تعلّموه من آبائهم الأتقياء.

سادسًا: عيّن لهم الملك الطعام والشراب. فلم يكن لهم الحق في أن يختاروا ما يأكلونه أو يشربونه. وهنا واجه الفتيان امتحانًا قاسيًا؛ لأننا جميعًا نحتاج إلى الطعام والشراب ولا يمكننا أن نستغني عنه. والصعوبة التي واجهوها هي لسببين:

السبب الأول هو أن بعض هذه الأطعمة تتعارض مع ما جاء في لاويين 11 بخصوص النجس والطاهر، ما يؤكل وما لا يؤكل.

السبب الثاني هو أن الحيوانات التي تُذبح كانت تقدم كذبائح لآلهة كاذبة كما جاء في 1كورنثوس 20:10 "بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ الأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لاَ للهِ".

أيها القارئ العزيز، ألا ترى معي أن هؤلاء الفتيان واجهوا عدة مشاكل ثقيلة وخطيرة جدًا؟ فما هو الحل؟ هل يبحثون عن أعذار لكي ينقذوا أنفسهم؟ كان ممكنًا أن يقولوا أن هذه ظروف خاصة والرب هو الذي سمح بأن نوجد هنا، وأن الله لا يريد أن نتعذب أو نُقتل بسبب أمور ثانوية. كان ممكنًا أيضًا أن يقولوا: إننا إذا أطعنا الملك سنحصل على مراكز بها نساعد اليهود الآخرين. ما أكثر الأعذار التي يتخذها الإنسان لعمل إرادته. هذا أمر نعرفه جيدًا. ولكن دانيآل وأصحابه لم يبحثوا عن أعذار. إذًا ماذا كان سر النجاح في هذا الامتحان القاسي، تحت هذه الظروف الصعبة؟ إن الجواب عن هذا السؤال هو ما جاء في دانيآل 8:1 "أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ".

هذا هو أول شرط للانتصار: القرار القلبي العميق لعمل إرادة الله مهما كلفنا الأمر.

متى كان هذا هو الحال معنا، فإننا نكتشف أن الله هو العامل فينا أن نريد وأن نعمل من أجل المسرة (فيلبي 13:2). لأن دانيآل جعل في قلبه ألاّ يتنجّس، فإن الله أعطى دانيآل نعمة ورحمة عند رئيس الخصيان (دانيآل 9:1). حين يأمرنا الرب بشيء فهو أيضًا من جهته يعمل ويرتب كل ما يلزم لكي نستطيع أن نتمم إرادته. لذلك حين تكلم دانيآل مع رئيس الخصيان وأجابه رئيس الخصيان بأنه يخاف من الملك، أجابه دانيآل: جرّب عبيدك عشرة أيام. أعطونا القطاني (بقول وخضروات)، ثم انظر إلى مناظرنا واصنع بعبيدك كما ترى. ومن هذا نرى سرّ الطاعة، وهو الإيمان، أي الثقة الكاملة في قدرة الله ومحبته؛ ما دمنا أمناء عاملين إرادة الله مهما كلفنا الأمر، فإننا نتمتع بسلام وثقة.

قال الرسول يوحنا:

"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا، فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ. وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ" (1يوحنا 21:3).

سر الانتصار هو الطاعة، وسر الطاعة هو الإيمان، والوصية لنا، مهما كانت هذه الظروف والصعوبات، هي هذه: "كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ" (رؤيا 10:2).

المجموعة: 201105

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

427 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10553418