Voice of Preaching the Gospel

vopg

كتب روحية

فهرس المقال

الفصل الثاني
ما هي أكثر مشاكل الزواج شيوعًا؟

مقدمة
في الفصل السابق “ما هي خطَّة الله للزواج” اكتشفنا ثلاثة جوانب أساسية هي: “يترك” و“يلتصق” و“جسدًا واحدًا”، وَالكتاب المقدَّس واضح في إعلانه عن إنَّنا في الزواج نختبر أكثر من مجرد الوحدة الجسدية، لقد صلَّى الرَّب يسوع من أجل تلاميذه ومن أجلنا:
“لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الْآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي.” (يوحنا 21:17) إنَّ الوحدة الروحية والعلاقاتية يجب أن تكون ظاهرة في الكنيسة وفِي الزواج. هدف العلاقة في الزواج هو الوحدة مع المسيح ومع شريك الحياة. كيف يبدو هذا في الزواج؟
إن الوحدة في الزواج تُعبّر عن نفسها من خلال علاقة عميقة مفعمة بالتناغم والعطاء المتبادل.
في الزواج يجب أن يحلّ التناغم محل التصارع، والعطاء المتبادل محل الأنانية. وفِي هذا الفصل سنكتشف لماذا يصعب الحفاظ على الوحدة في الزواج.
إذا قام أحدهم بقيادة سيارة في طريق خشن غير ممهد، فإن هذه السيارة تكون عُرضة للأعطال المتعلقة بزوايا الإطارات، بمعنى أنَّ إطاري المقدمة يمكن أن يتحركا بالتدريج كل منهما في اتجاه مضاد، وهذه الحالة تجعل أجزاء السيارة تعمل في عدم توافق؛ فكل إطار ينحرف في اتجاه مضاد للآخر، والقائد يحاول التحكم في السيارة مع مزيد من الاحتكاك بين الإطارات وأرضية الطريق غير الممهدة، كل هذا يجعل السيارة كأنَّها تنتفض، والقائد في حالة من الانزعاج وهو يحاول من خلال عجلة القيادة السيطرة على عملية انحراف الزوايا هذه.
واحدة من الوسائل التي يمكن من خلالها شرح العلاقة الزوجية هو أن نتخيَّل أنَّ العائلة عبارة عن سيارة، والزوج والزوجة هما إطاري المقدمة، فَلَو أنَّهما ليسا في حالة الانضباط والتناغم التام فهما بذلك يعرضان علاقتهما للتمزق والتهرؤ، ويتسببان في تحويل حياة أطفالهما إلى رحلة مضطربة ومزعجة.
من الشواهد الكتابية التي تركِّز على التناغم والانضباط هو (2كورنثوس الثانية 14:6) “لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين.” إن القصد الإلهي هو أن يتزوج الرجل المؤمن من امرأة مؤمنة وبالتالي يكون الطرفان على حالة دائمة من التوافق والاتساق.
ولكن علينا أن نقر أنَّ النموذج ليس هو الموجود دائمًا على أرض الواقع، فهناك الكثير من الأزواج تجدَّدوا وآمنوا بالرب بينما ظل شركاء حياتهم على عدم إيمانهم، وهناك من تزوجوا بسبب الضغوط الأسرية أو غيرها بأشخاص غير مؤمنين، وهذا الموقف يمكن وضعه تحت عنوان [متزوج ولكن أعزب روحيًّا]. ويمكن أيضًا لعدم التوافق أن يحدث كتجربة تأتي من العالم أو من الجسد أو من الشيطان.
وهذا الفصل سيكون معالجة للسؤال التالي: ما أكثر مشاكل الزواج شيوعًا؟ مشاكل الحياة التي تدفع بالزواج بعيدًا عن التناغم والاتساق.

فكرة رئيسية: المشاكل موجودة في كل زواج، ويجب أن تُحل من خلال طاعة كلمة الرب.
فيما يلي قائمة ببعض المشاكل التي تمثل حِفَرًا في طريق الحياة تعطل الوحدة بين الزوجين
أولًا، الأنانية تحطم الوحدة في الزواج
يصف الرسول يعقوب الأثر المدمِّر للأنانية على العلاقات فيقول:
“مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لِأَنَّكُمْ لَا تَطْلُبُونَ.” (يعقوب 1:4-2)
أتت إِلَيَّ ذات مرة سيدة تطلب مساعدة مالية كي تستطيع دفع إيجار بيتها، وكنت على عِلْمٍ بأن زوجها قد فقد وظيفته منذ فترة، وأنَّهما قد رُزقا بمولود جديد، سألتها عن أحوال زوجها فأخبرتني أن زوجها قد عثر على وظيفة جديدة وأنه يستطيع بمفرده الآن دفع مبلغ الإيجار بالكامل، ولكن المشكلة أنَّهما متفقان منذ أن تزوجا على أن يدفع كل منهما نصف تكاليف المعيشة، وبعد إنجابهما الطفل وعدها بأن يدفع هو الإيجار كاملًا لمدة شهرين، وهو ما حدث بالفعل، ولكن هذا هو الشهر الثالث وهي بين نارين؛ فهي تشعر أن رضيعها يزال بحاجة إليها وفِي نفس الوقت يرفض الزوج أن يدفع أكثر من نصف الإيجار!
هذا مثال صارخ لزوج أناني يقوم بتفضيل نفسه على زوجته وعلى طفله، وكانت النتيجة أن هذين الزوجين في خلال عام ونصف العام كانا قد انفصلا ثم انتهى زواجهما بالطلاق.
إنَّ الأنانية في الزواج تقتل الوحدة وتدمِّرها، لأن الأنانية تجعل الإنسان يركز على إسعاد نفسه دون التفات إلى مشيئة الله، أو الاهتمام بحق شريك الحياة في السعادة.
وأي زوجين يسعيان إلى الوحدة في الزواج عليهما أن يعترفا بإغراء تجربة الأنانية وجاذبيتها، ثم يصرَّا على التمسك بالعلاج الإلهي لتلك المشكلة.
تدعونا كلمة الله إلى التخلي عن الأنانية والتحلّي بنكران الذات.
“فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا، لَا شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. لَا تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِآخَرِينَ أَيْضًا.” (فيلبي 2:2-4)

ثانيًا، يمكن للمجتمع أن ينتج تأثيراته التي تدمّر وحدة علاقاتنا الزوجية
حينما كان الرَّب يسوع يصلِّي في البستان لأجل تلاميذه ولأجلنا قال:
“لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ.” ( يوحنا ١٥:١٧-١٧)
ويحذِّرنا الرسول يوحنا قائلًا:
“لَا تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الْآبِ. لِأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الْآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ.” (يوحنا الأولى ١٥:٢-١٧)
إن البيئة المحيطة بِنَا والتي نتعامل معها خارج البيت هي بيئة معادية بالأساس وليست صديقة أبدًا. إنَّ كلمة [العالم] في الكتاب المقدَّس تشير إلى الثقافة الأرضية الساقطة التي يمسك بزمامها الشيطان [رئيس سلطان الهواء] ويسودها الشر.إن لذَّة هذا العالم تمثل تجربة شديدة الصعوبة لوجداننا، وإذا استسلمنا بإرادتنا لهذه التجارب يمكن أن نسقط بسهولة في فخ السلوك غير المقدَّس، أو العادات، أو إدمان أمور تحوّل قلوبنا بعيدًا عن الرَّب وعن شريك الحياة.
ذات يوم أتت إِلَيَّ امرأة شابة وهي عضو جديد في كنيستي (إشارة إلى الكنيسة التي يرعاها الكاتب) وطلبت مني أن أساعدها في مواجهة ظرف صعب كانت تجتاز فيه، وكانت المشكلة للأسف أنَّ هذه الفتاة حبلت وأنجبت طفلًا من علاقة غير شرعية، مدّت الكنيسة لها يد المساعدة بتقديم بعض الملابس والأثاث، وبعد ذلك تقدمت بطلب إلى حكومة الولاية للحصول على دعم مادي حيث أنَّها ترعى طفلًا رضيعًا ولا تستطيع العمل، فطلبت منها الحكومة أن تفصح عن اسم والد الطفل، فرفضت بشدة. وعندما سألتها عن سبب رفضها أجابت بأنه رجل متزوج ولديه أطفال وهي لا ترغب في تدمير تلك الأسرة. فأجبتها بأن هذا توجه نبيل، ولكن الرجل ارتكب خطأً وخطيئة وعليه أن يتحمل مسئوليته كأب تجاه هذا الطفل، فكانت إجابتها أنَّ لديها سببًا آخر يمنعها من الإفصاح عن اسم والد الطفل، وهو أنه أحد أعضاء كنيستنا!
هذا الرجل للأسف الشديد يُدعى مسيحيًا، ولكنه استسلم لشهوة أرضية، وعليه الآن أن يواجه عواقب ما ارتكبه.
إن كلمة الله تدعونا للهروب من الشهوات الأرضية، وإلى التمسُّك بالقداسة.
يقول الرَّب يسوع: «لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلَازِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الْآخَرَ..” (متى ٢٤:٦)
أي زوجين يهدفان إلى الوحدة مع الله ومع بعضهما البعض عليهما أن يتمسكا بالوصية الواردة في كورنثوس الثانية 17:6
“لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلَا تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ.”

ثالثًا، قد يتسبب الألم في كسر الوحدة بين الزوجين
كشفت دراسة استقصائية في الولايات المتحدة الأمريكية عن الأُسر التي تُرزق بأطفال معاقين، أنَّه بعد خمس سنوات من إنجاب الطفل المُعاق فإن سبعين بالمائة من هذه الزيجات تنتهي بالطلاق.
عندما يطرق الألم باب أسرة ما، فإنَّه إمَّا أن يشدّهما قريبًا من بعضهما، أو يعمِّق الفجوة بينهما. والفارق ينبع من نظرة كل إنسان للألم، فهناك من ينظر إلى الألم من وجهة إيجابية وهناك من ينظر إليه من وجهة سلبية.
ردود فعل سلبية تجاه الألم:
التفكير بأنَّه تم الارتباط بالشخص الخطأ.
إلقاء اللوم على الطرف الآخر لأنَّه لا يستطيع تضميد جراحنا.
التذمُّر على الرَّب.
الانسحاب العاطفي بعيدًا عن الطرف الآخر.
اختيار الهروب وتحطيم الزواج.
ردود فعل إيجابية تجاه الألم:
قبول الألم على أنه جزء من عالم خاطئ واقع تحت اللعنة.
إدراك أنَّ نعمة الله كافية لتحملنا وسط الأوقات الصعبة.
نؤمن أنَّ الله لن يدعنا نُجرَّب فوق ما نحتمل.
إدراك أن وقت الألم هو فرصة لكي يقدِّم كل طرف للآخر شيئًا من التشجيع والتعزية.
نبتهج لأنَّنا ذات يوم سنتمتع بحياة سعيدة خالية من الألم مع الرَّب في السماء.
لقد تألَّم الرسول بولس بقوة لكونه خادمًا للمسيح. لقد تحطمت به السفينة ذات مرة، ومرات تعرَّض للضرب ومرات كثيرة سجن، ومرة رُجم حتى الموت، كما إنَّه عانى من شوكة في الجسد سمح بها الرَّب لكي يحفظه متواضعًا، وكان موقف بولس من آلامه متَّسِقًا تمامًا مع أقواله حينما كتب بالروح القدس:
“فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلَامَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لَا تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رومية 18:8)
ويأتي الألم إلى حياتنا من ثلاثة مصادر: طبيعي، وفوق طبيعي، وإلهي.
-1 الألم الطبيعي يأتينا لأننا نعيش وسط خليقة واقعة تحت لعنة ناتجة عن الخطية، فنحن كغيرنا عُرضة للجراح، والمرض، والشيخوخة، وهذه كلها تحمل معها قدرًا من الألم والمعاناة.
-2 يأتينا الألم أيضًا من عالم الروح الشرير الذي يترأَّسه الشيطان.
فالرسول بولس يقول في أفسس 12:6 [فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلَاطِينِ، مَعَ وُلَاةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.”
-3 وأخيرًا فإن الألم قد يأتي إلى حياتنا من يد أبينا السماوي المحب الذي يرغب دائمًا في كمالنا، لذلك فهو يمد يده بالتأديب والتوجيه والتصحيح حتى نشترك في قداسته. إذًا فنحن أمام حقيقة مؤداها أنَّنا حتمًا سنتألم في هذه الحياة، وبالتالي عليك عزيزي القارئ أن تسأل نفسك: “هل ستسمح للألم في حياتك أو في حياة شريكك أن يقوي وحدتكما أم ستتركه يفصل بينكما؟” في أوقات كثيرة يتسبب الألم في تحطيم التوافق بين طرفي الزواج، فيظن كل منهما أنَّه ارتبط بالشخص الخطأ، أو يحاول كل طرف التنفيس عن غضبه في وجه الطرف الآخر وإلقاء اللوم عليه. فأي زوجين يريدان وحدة مع بعضهما البعض أو مع الرَّب لا بد لهما من التعامل مع الألم بطريقة كتابية وتحت قيادة الروح القدس.
تعلمنا كلمة الرَّب أن نتقبَّل التجارب بفرح لأن الله يستخدمها في بناء شخصياتنا والوصول بها إلى مستوى الكمال الذي يريده. فقد كتب الرسول يعقوب إلى المؤمنين قائلًا بالروح القدس: “احْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ.” ( يعقوب ٢:١-٤)

رابعًا، النجاح أيضًا بإمكانه تدمير الوحدة في الزواج!
ذات يوم ذهب شاب يهودي تقي إلى الرَّب يسوع ليفتخر ببرِّه الذاتي، نظر الرَّب يسوع إليه ورأى أنَّ في قلبه نوعًا من الوثنية، ويبدو من موقف الشاب أنَّه لم يكن مدركًا لإصابته بهذه العلَّة، لقد كانت ثروة هذا الشاب هي وثنه، وقد وضعه الرَّب يسوع أمام تحدٍّ بأن طلب منه أن يحرِّر ذاته من هذا الوثن فقال له:
يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي. (لوقا 22:18)
في أحيان كثيرة يكون الازدهار هو مصدر التهديد الأخطر للاستقامة الروحية وليس الفقر، فالازدهار الذي تعيشه الحضارة الغربية كاد أن يحوّل حياة كثير من المؤمنين إلى النموذج الأرضي الدنيوي. حيث إنَّه يترك انطباعًا عند ضعاف النفوس بأنَّهم لا يحتاجون الرَّب في هذه الحياة، إن حياة الازدهار الخارجة عن السيطرة يمكن أن تحطم الوحدة بين الزوجين نتيجة شعور كل منهما بالاستقلالية وعدم الاحتياج للآخر.
تدعونا كلمة الله لكي نقدِّر قيمة الكنز السماوي لا الكنوز الأرضية
يقول الرَّب يسوع: “لَا تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الْأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لَا يُفْسِدُ سُوسٌ وَلَا صَدَأٌ، وَحَيْثُ لَا يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلَا يسرقون لِأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا.] (متى ١٩:٦-٢١)

خامسًا، الجنس يمكن أن يدمّر الوحدة في الزواج
يقدم العهد الجديد كنيسة كورنثوس على أنَّها كنيسة تواجه مشاكل عدة، وإحدى المشكلات التي كانت تعاني منها هذه الكنيسة هي مشكلة الزنا، وكمثال على ذلك كان هناك رجل تربطه علاقة جنسية مع زوجة أبيه (1كورنثوس ٥). وهذا يعني أن المؤمنين غير معفيّين من السقوط في التجارب الجنسية، وهذا ما دعا الرسول بالروح القدس أن يكتب مذكِّرًا ومشدِّدًا على أن خطية الزنا هي بمثابة جُرم كبير نحو الرَّب المخلِّص، ناهيك عن شريك الحياة.
“أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ؟ لِأَنَّهُ يَقُولُ: «يَكُونُ الْاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ.” (1كورنثوس ١٥:٦-١٧)

ذات يوم تلقيتُ اتصالًا هاتفيًّا من أحد أعضاء الكنيسة وكانت نبرات صوته تنم عن الغضب الشديد، وطلب مني الحضور فورًا إلى بيته لأنه وزوجته لديهما أمر هام يريدان مشاركتي به، في البداية ظننتُ أن أحدهما قد فقد أحد أبويه، ولكن عندما وصلت سمعت منهما قصة حزينة قوامها عدم الأمانة، فزوجة هذا الأخ كانت تضطر إلى السفر في رحلات عمل برفقة رئيسها المباشر، وحدث أكثر من مرة أثناء السفر أن سقطت مع مديرها هذا في خطية الزنا، بعدها شعرت بندم شديد وبتبكيت روح الرَّب، صلَّت إلى الرَّب وطلبت الغفران وقطعت علاقتها مع هذا الشخص بشكل تام، وبالطبع كتمت الأمر عن زوجها، وبعد مدة ذهبت لطبيبها الخاص لإجراء الفحوصات الروتينية التي تقوم كل عام، وفِي الْيَوْمَ السابق لاتصالهما بي تحدث إليها الطبيب وأكَّد لها أنَّها مصابة بأحد الأمراض المنقولة جنسيًّا.

عزيزي... قد يغفر لنا الرَّب خطيتنا، وقد يسامح شريك الحياة، ولكن العواقب المقيتة للخطيئة قد تدوم مدى الحياة، وقد تهدم لنا خطية الزنا في لحظة واحدة ما قد نحتاج لسنوات طوال حتى نعيد بناءه؛ وخصوصًا ما يتعلق بمسألة الثقة.

تدعونا كلمة الرَّب للخروج من دائرة النجاسة إلى الطهارة
إن أي زوجين يسعيان للوحدة مع بعضهما البعض والوحدة مع الله لا بد لهما من الامتناع عن كافة أشكال النجاسة.
[لِأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا.”
(1تسالونيكي 3:4)
سادسًا، الابتعاد قد يؤدي إلى تعطيل الوحدة
يشجع الرسول بولس المتزوجين على الحفاظ على علاقة جنسية دائمة بينهما، فهذا المتعة المتبادلة تقوِّي رابطة الحب بينهما وتقلل من احتمالات الاستسلام لإغراء تجربة الزنا التي قد تأتي نتيجة طول فترة الابتعاد.
“لَا يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الْآخَرَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لَا يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ.” (كورنثوس الأولى 5:7)
عندما ينفصل الزوجان جسديًّا لفترة طويلة فإن زواجهما يتعرَّض للضغط وانحراف المسار. التواصل والعشرة يتعطلان، والعلاقة الحميمة يصعب الحفاظ عليها. وعلى كل زوجين أن يصليا طلبًا للحكمة والنعمة من الرَّب حتى يستطيعا مواجهة أي تجربة يمكن أن تقع في وقت الابتعاد. أغلب الأزواج بالطبع يختبرون الابتعاد لفترات مؤقتة.
الابتعاد المؤقت: يضطر العديد من الأزواج إلى الابتعاد عن بعضهما البعض من 10-12 ساعة يوميًّا بحُكم ظروف العمل. في المناطق الزراعية تكون ظروف العمل مختلفة، حيث إن الزوج والزوجة يعملان معًا في حقلهما الذي غالبًا ما يكون قريبًا من محل إقامتهما. ولكن في البيئة الصناعية والبيئة التي يقوم اقتصادها على الصناعات التكنولو<ـية يضطر كل طرف إلى البقاء في مكان العمل من 8-10 ساعات في الْيَوْمَ بالإضافة إلى الوقت الذي يقضونه في الطريق ذهابًا وعودة. لدرجة أنَّه من الممكن أن يقضي الشخص وقتًا مع زميل العمل أكثر مما يقضي مع شريك الحياة، مما يفتح الباب واسعًا أمام التقارب والانجذاب التدريجي الذي قد يفضي في النهاية إلى كارثة. كما أن نسبة الخطر تزداد في الحالات التي يكون فيها سَفَر أحد الطرفين متكررًا وطويل الأمد، هذا يضاعف من احتمالات السقوط وبالتالي يستوجب انتباهًا خاصًا ومعونة من عند الرب.
الابتعاد طويل الأمد: هناك بعض الوظائف تفرض على الشخص السفر لفترات طويلة، ونفس الأمر مع الذين يؤدُّون الخدمة العسكرية، كما أن بعض البلاد الفقيرة يضطر العديد من سكانها إلى السفر إلى بلاد أخرى بحثًا عن دخل أفضل للأسرة. وهذا الوضع يستدعي من الطرفين وضع خطة للتواصل، كما يستدعي طلب نعمة خاصة من الرَّب حتى يستطيع الإنسان أن يسيِّر حياته بطريقة تمجِّد الرَّب وتحترم عهد الزواج. على كل زوجين يهدفان إلى الوحدة مع بعضهما البعض ومع الرَّب ألَّا يَدَعَا الابتعاد سواء كان قصير الأمد أو طويل الأمد أن يقودهما إلى عدم الأمانة أو إلى التخلي بعضهما عن بعض.
كان أوريا الْحِثِّي مثالًا رائعًا للزوج المخلص حتى في أوقات الابتعاد عن زوجته. كان أوريا جنديًّا في جيش الملك داود. وأثناء وجوده في جبهة القتال سقط دَاوُدَ في خطية الزنا مع زوجته بثشبع. وحينما اكتشف دَاوُدَ أنَّها قد حبلت أرسل إلى أوريا يستدعيه بحجة الاستفسار منه عن أحوال الجيش. ولكن في الحقيقة كان دَاوُدَ يخطط حتى يذهب أوريا لزيارة زوجته، وبالتالي يحدث بينهما لقاء جنسي تتم من خلاله تغطية خطية دَاوُدَ.ولكن أوريا كان رجلًا ذَا مبدأ، فقد رفض أن يذهب إلى بيته لكي يأكل ويشرب ويضاجع زوجته في الوقت الذي تحترق فيه أعصاب إخوته على جبهة القتال بصحبة تابوت الرَّب (راجع صموئيل الثاني 11:11).
إنَّنا كمؤمنين نُدعى عروس المسيح، وإيماننا به هو أساس الخطبة، ونحن الآن منفصلون عنه بالعيان، لأنه ذهب ليعدّ لنا مكانًا، ولكن في أثناء فترة الابتعاد هذه لا يكفّ عن الصلاة لأجلنا وعن إرسال كلمات الحب المشجِّعة إلينا من خلال المكتوب. إن توقعنا البهيج للاجتماع به ثانية وإيماننا بأن الاتحاد التام به والشركة الكاملة معه ستأتي قريبًا وتدوم إلى الأبد في بيت الآب، هو ما يعطينا القوة والقدرة على العيش بأمانة وطهارة إلى أن يعود.
تدعونا كلمة الرَّب لأن نكون أمناء في فترة الانفصال إكرامًا للعهد، وواجدين متعة في انتظار الاتحاد بالرب عن قريب.

سابعًا، أسلوب الإنفاق يمكن أن يؤدي إلى كسر الوحدة بين الزوجين
هناك مَثَل شهير يقول: [في الزواج تتجاذب المتناقضات”. بالنسبة للمال تكون المتناقضات هي: [شخص مبذِّر] و[شخص حريص]. تُوجد بعض الصعوبة في فهم موافقة بعض الأشخاص الحريصين ماليًّا على الارتباط بأشخاص مبذرين، ولكن يمكن تفهم موافقة المبذر على الارتباط بشخص حريص. إن الإدارة الحكيمة للأمور المالية هامة جدًا ليست فقط للفرد أو الأسرة ولكنها هامة أيضًا من حيث طاعة الرب. ففي واحد من أمثاله أعلن يسوع بشكل واضح أن كل ما نمتلكه يخصّه هو، ونحن لسنا في الحقيقة أكثر من وكلاء استأمنهم على إدارة هذه الممتلكات.
[وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالْأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.” (متى 19:25-21)
كمؤمنين علينا أن نكون أمناء فيما أقامنا الرب. وللحفاظ على الوحدة المالية يجب علينا أن نتبع القواعد الكتابية، فكل زوجين مطالبين بإدارة ما لديهما، بعض الأسر ستكون مسئولة عن إدارة خمسين ألفًا في السنة، وأخرى ستكون مسئولة إدارة خمسمائة ألف، بغضِّ النظر عن المبلغ فإن هناك ثلاثة أشياء رئيسية يمكننا القيام بها هي: الادِّخار، والإنفاق، والعطاء. الزوجان اللذان يريدان الارتقاء بوحدتهما مع الرَّب ومع بعضهما البعض عليها أن يطبِّقا المبادئ الكتابية على أسلوب تصرفهما في دخلهما، وعليهما أن يبحثا في كلمة الله؛ وفِي روح الصلاة يضعان ميزانية يديران بها أموالهما.
كلمة الله تعلِّمنا أنَّنا لا نستطيع أن نخدم الله والمال (متى 24:6)

ضعها في قلبك
ما هي العقبات الأخرى الموجودة في طريق الحياة والتي يمكن أن تؤثر سلبًا على الوحدة بين الزوجين؟
كيف تؤثر هذه العقبات سلبًا على زواجك؟
قيِّم درجة تأثير كل واحدة من هذه المؤثرات على حياتك. ضع رقم :
1) لا تأثير مطلقًا؛ 2) أحيانًا؛ 3) تؤثر بشكل متكرر؛ 4) تأثير بالغ. اقض وقتًا مع شريك حياتك في مناقشة تلك المشكلات والحلول المقترحة لها.
وحدّد التاريخ الآن ---------
الأنانية
المجتمع
الألم
النجاح
الجنس
الانفصال
الإنفاق

 

المجموعة: كتب روحية

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

315 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10648748